Typical street scene in Santa Ana, El Salvador. (Photo: iStock)

(الصورة:BEN LANGDON/MILE 91/ROBERTHARDING/ROBERTHARDING/NEWSCOM )

ديفيد ليبتون مع شيكار آيار في ختام الاجتماعات: "الأهم هو أننا قادرون على أن نثبت للعالم، لبلداننا الأعضاء، بأن العولمة لا تزال واعدة بالكثير." (الصورة: صندوق النقد الدولي).

العولمة والنمو: عملية توازنية، يقول ليبتون

17 أكتوبر 2016

  • المناقشات تركز على تعزيز الاحتواء والاندماج
  • ينبغي استخدام كل روافع السياسات والاستفادة من أوجه التضافر فيما بينها
  • لا تزال العولمة واعدة بالكثير إذا أُحسِنت إدارتها

ديفيد ليبتون مع شيكار آيار في ختام الاجتماعات: "الأهم هو أننا قادرون على أن نثبت للعالم، لبلداننا الأعضاء، بأن العولمة لا تزال واعدة بالكثير." (الصورة: صندوق النقد الدولي).

تحاور السيد ديفيد ليبتون، النائب الأول لمدير عام الصندوق، مع السيد شيكار آيار من الإدارة الأوروبية لمناقشة بعض القضايا الرئيسية التي طرحتها الاجتماعات السنوية في أكتوبر 2016 في واشنطن العاصمة، والحديث عن المسار القادم.

وقال السيد ليبتون إن من أهم النتائج التي خلصت إليها الاجتماعات ضرورة تعزيز مزيج السياسات، باستخدام كل الروافع الممكنة (السياسات النقدية وسياسات المالية العامة والسياسات الهيكلية)، منفردة ومجتمعة، لمكافحة النمو الضعيف وضمان إتاحة الفرصة للجميع كي يستفيدوا من ثمار العولمة والتغير التكنولوجي.

آيار: ما هي أهم الرسائل التي خرجت بها الاجتماعات السنوية لعام 2016؟

ليبتون: أعتقد أن الرسالة الأساسية هي أن المجتمع الدولي عليه أن يعمل معا، سواء لتعزيز النمو الاقتصادي العالمي أو للتعامل مع السخط المتزايد الذي نراه بشكل أساسي في الاقتصادات المتقدمة حيث تتأثر الوظائف والدخول بتباطؤ النشاط التجاري والتغيرات في التكنولوجيا.

ونحتاج إلى تحقيق حالة من التوازن بين مسألتين: محاولة تعزيز النمو والحفاظ على العولمة من ناحية، ومحاولة التعامل مع الاضطرابات والقلاقل التي تصاحب الترابط والتغير الاقتصادي من ناحية أخرى.

آيار: يبدو أن هناك تركيزا أكبر من المعتاد على الهجمة السياسية المضادة للعولمة. الناس تتحدث عن كيفية ارتباط ذلك بتزايد عدم المساواة وطفرة الهجرة الدولية. فما هو رأيكم في كيفية جعل النمو أكثر عدالة والتصدي لهذه الاتجاهات الحمائية المتصاعدة؟

ليبتون: أولا، أعتقد أنه من الملاحظ تماما أن الناس أكثر انفتاحا لمناقشة الروابط بين القضايا السياسية والقضايا الاقتصادية. إنهم يدركون أن هذه القضايا يجب بحثها وتحليلها بدقة ومعالجتها بصراحة. وخبراء الصندوق أوضحوا تحليل الصندوق وتقييماته الاقتصادية للموقف.

ولا شك أننا نحتاج إلى مساعدة الساسة والقادة لإحداث التغييرات المطلوبة في كل بلد من أجل معالجة المشكلات: من خلال دعم المانحين لمساعدة البلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على التعامل مع احتياجات اللاجئين والنازحين؛ وتقديم مختلف أشكال الدعم للمتأثرين إما بالتغير التكنولوجي الذي يتسبب في تسريح العمالة أو بعدم المساواة.

هذه هي الخطوات التي تتطلب تحركا من جانب القادة في البلدان المختلفة. وهناك جدول أعمال جيد جدا يتضمن دورا للصندوق وصناع السياسات في بلداننا الأعضاء.

آيار: اتسم تعافي الاقتصاد العالمي بالضعف وعدم التوازن. وكان هناك قلق حول ما إذا كنا قد بدأنا نفقد كل ذخيرة السياسات المتاحة لنا. وبدأ الاحتياطي الفيدرالي تشديد السياسة النقدية، ولكن أسعار الفائدة ظلت في مستويات منخفضة تاريخية في منطقة اليورو واليابان. فهل لك أن تحدثنا عن أدوات السياسة المتاحة لصناع السياسات في مختلف بلدان العالم؟

ليبتون: الصندوق أوصى بمنهج ثلاثي المحاور – باستخدام السياسة النقدية وسياسة المالية العامة والسياسات الهيكلية – وحظي تقييمنا وتوصياتنا بقبول واسع النطاق هنا في الاجتماعات.

وقد كانت السياسة النقدية خط الدفاع الأول في التعامل مع مشكلات النمو المنخفض والتضخم المنخفض في الاقتصادات المتقدمة، ولكنها استُنزِفَت. ولذلك حاولنا توضيح ما نراه من أوجه تضافر – والتي تتمثل في الجمع بين الدعم النقدي الذي لا غنى عنه والسياسات المالية والهيكلية المواتية للنمو، ووضع كل هذه العناصر معا بصورة متمايزة ضمن حزمة واحدة لكل بلد، مع الاعتراف في نفس الوقت بأنه حين يعمل العديد من البلدان معا في اتساق، يصبح الكل أكبر من مجموع الأجزاء.

وسيكون هناك الكثير مما يتعين مناقشته حول من يفعل ماذا ومتى وأين، لأن هذا ينبغي أن يكون منهجا متمايزا بالفعل، ولكنني أؤمن بأن الجميع يؤيدون توصياتنا. فهناك قلق كبير بشأن انخفاض النمو، وامتداد فترة أسعار الفائدة المنخفضة، والعواقب السلبية لفرط الاعتماد على السياسة النقدية.

آيار: ننتقل إلى الأسواق الصاعدة. يبدو أن الأوضاع في عدة اقتصادات رئيسية قد استقرت عند أدنى مستوياتها، بينما انتعشت التدفقات الرأسمالية الداخلة إلى عدة اقتصادات صاعدة. فكيف ترى الاتجاهات والآفاق المتوقعة لهذه المجموعة من البلدان؟

ليبتون: لم نعدل توقعنا للنمو هذا العام، وهي المرة الأولى التي يحدث فيها هذا منذ وقت طويل. وجزء من هذه التنبؤات أن الاقتصادات المتقدمة ربما تكون في مسار نمو أبطأ، ولكن أداء بلدان الأسواق الصاعدة أفضل بقليل. وهناك بلدان تحقق أداء جيدا جدا – ومن أبرزها الهند – بينما توجد بلدان بدأت تخرج من مرحلة الركود، كما توجد فروق أخرى تبعا لما إذا كان البلد مصدرا للسلع الأولية أم لا.

وأعتقد أنك محق فيما قلته عن استمرار دخول التدفقات الرأسمالية إلى الأسواق الصاعدة – ولكن ربما ليس بنفس القوة السابقة – والواقع أن بيئة رأس المال بشكل عام ليست معاكسة هذا العام بالنسبة للأسواق الصاعدة حتى الآن.

وأرى أن الصورة لا بأس بها على المدى القصير. لكن ما حذر منه الصندوق هو أن الاقتصادات المتقدمة لن تتمكن من استكمال مهمتها إذا عجزت عن مواجهة تحديات تعزيز النمو على المدى الأطول، وإعادة التضخم إلى المستويات المستهدفة – وهو ما سيصيبها بالضعف مع الوقت.

آيار: أعرب البعض عن قلقهم من أن يكون انتعاش التدفقات الرأسمالية الداخلة إلى الأسواق الصاعدة مدفوعا ببيئة أسعار الفائدة الأساسية شديدة الانخفاض في الاقتصادات المتقدمة. فهل هناك احتمال بأن تؤدي هذه التدفقات الرأسمالية إلى زعزعة الاستقرار في الأسواق الصاعدة؟

السيد ليبتون: لقد قمنا بما نستطيع لتحليل التفاعلات بين السياسة النقدية في الاقتصادات المتقدمة والتدفقات الرأسمالية، وتقديم توصيات بشأن السياسات للبلدان المتأثرة. وفي أغلب الحالات، اتبعت البلدان ما قدمناه من مشورة بوجه عام. وهي تستخدم أسعار صرف مرنة، مع محاولة بناء هوامش أمان لمواجهة التدفقات المالية التي قد تخل بالاستقرار.

آيار: لننتقل الآن إلى البلدان منخفضة الدخل. ذكرت من قبل أن ضعف أسعار السلع الأولية كانت له تداعيات سلبية على عددد من البلدان، ومنها عدة بلدان منخفضة الدخل. فما هو تحليلكم في هذا الخصوص، أو ما هو المزاج السائد بشأن الآفاق المتوقعة للبلدان منخفضة الدخل؟

ليبتون: هناك خيبة أمل واسعة النطاق، وخاصة في إفريقيا، من متوسط النمو المنخفض للغاية الذي يتوقع أن تحققه القارة. ولا ينطبق هذا على كل البلدان؛ فبعضها – وخاصة غير المصدرة للنفط والسلع الأولية – يواصل النمو بمعدلات سريعة إلى حد كبير. ولكنني أعتقد أن الأمر بمثابة انتكاسة، أو خطر، بالنسبة لكثير من البلدان. ونحن نعمل لمساعدة بلداننا الأعضاء على اجتياز هذه الفترة.

ونحن أكثر تفاؤلا بشأن الآفاق المتوقعة لهذه البلدان على المدى الطويل. فكثير منها تتخذ خطوات لتعزيز هوامشها الوقائية، وتنمية قدراتها لتحسين صنع السياسات الاقتصادية، والقيام بأنواع الإنفاق على البنية التحتية الصلبة والمرنة والصحة والتعليم التي ستدعم النمو على المدى الطويل. وهذه الفترة من النمو المنخفض تمثل تحديا، ولكنني مقتنع بأن البلدان تستجيب بطريقة من شأنها تحسين آفاق المستقبل.

آيار: خلاصة كل هذا، أين نتجه الآن؟

ليبتون: أهم شيء هو أننا قادرون على أن نثبت للعالم، لبلداننا الأعضاء، أن العولمة واعدة بالكثير. هناك آثار جانبية، وهناك تداعيات. وسيكون علينا التعامل معها لإقناع البلدان الأعضاء على مواصلة الطريق وعدم التحول عن مسار الاندماج والترابط والانفتاح الذي يعتبر مصدر الدعم والنمو للاقتصاد العالمي.

ومن الضروري للبلدان – وخاصة الأسواق الصاعدة والبلدان النامية – أن تظل مترابطة لأن هذا الترابط سيكون مصدر الطلب على الصادرات ومصدر رأس المال الاستثماري والتكنولوجيا الذي سيساعدها على رفع مستويات المعيشة على مدار السنوات، بل العقود، القادمة.

إذن هذه مهمتنا. وهناك الكثير مما ينبغي أن يقوم به عدد كبير من بلداننا الأعضاء أيضا لتعزيز النمو والتعامل مع الآثار الجانبية للتغير التكنولوجي وزيادة الترابط.