حوار صندوق النقد الدولي مع الشباب ملخص مناقشات الطاولة المستديرة المنعقدة في جامعة الأخوين
٨ مارس ٢٠١٠
التقت مجموعة ضمت أكثر من ٣٠ طالبا من الدارسين في برنامج ماجستير إدارة الأعمال في جامعة الأخوين المغربية وناقشوا الأولويات الاقتصادية لبلادهم والدروس المستخلصة من الأزمة وما إذا كانوا يشعرون بالتفاؤل أو التشاؤم تجاه مستقبل البلاد. وأعرب الطلاب عن قلقهم إزاء أوضاع التعليم والحوكمة ومدى قدرة بلدهم على المنافسة في الاقتصاد العالمي. وجامعة الأخوين التي أنشئت في تسعينات القرن الماضي هي أول جامعة أمريكية في المملكة المغربية، وقد أجريت المناقشات مع الطلاب فيها باللغة الإنجليزية.
وأشار الطلاب إلى التعليم ومكافحة الفساد باعتبارهما أهم أولويات النمو في المملكة. وقال أحد الطلاب في العرض الافتتاحي إن نسبة غير الأميين في المغرب هي ٥٥٪ من عموم السكان، وهي إحصائية يجب تحسينها حتى تحقق المغرب إمكاناتها القصوى. وأكد الطالب أن الإلمام بالقراءة والكتابة أمر مهم للوصول إلى المعلومات، وخاصة في عالم ذابت فيه الحدود بين البلدان تحت تأثير العولمة، وأن رفع نسبة الملمين بالقراءة والكتابة مطلب أساسي لتعزيز قدرة المغرب على المنافسة.
وقال الطلاب إن هناك مجموعة كاملة من المشكلات في نظام التعليم المغربي ارتباطا بانخفاض نسبة الإلمام بالقراءة والكتابة. ومن هذه المشكلات انخفاض مستوى التمويل للموارد التعليمية، وعدم ملاءمة المنشآت التعليمية وازدحام الفصول الدراسية، ووجود خليط من المناهج غير المنظمة يُدَرَّس في المدارس. وأشار أحد الطلاب إلى فرط النظم الدراسية للتعليم الثانوي، مما ينشئ صعوبة أمام من يصلون إلى المستوى بعد الثانوي ويساهم في ارتفاع نسبة المتسربين من التعليم الجامعي.
ويشكل تحسين النظام التعليمي خطوة أولى نحو تخفيض البطالة التي بلغ معدلها الحالي ٩٬١٪. وقد تحدث الطلاب عن ضرورة توفير برامج تدريبية ودراسية أكثر تواؤما مع احتياجات سوق العمل. ويمكن أن تتخذ الحكومة خطوات أيضا لتشجيع ريادة الأعمال وتطوير مشروعات التمويل المصغر.
وقال أحد الطلاب إن ضعف الحوكمة يشكل عقبة أخرى أمام النمو في المملكة المغربية. فالفساد مشكلة خطيرة تؤثر على الديمقراطية وتُضْعِف حكم القانون، حيث تتيح الحصول على موارد البلاد وثرواتها لعدد ضئيل من المواطنين، مما يتسبب في انعدام المساواة الاجتماعية.
ويمكن أن تعطي الحكومة أولوية أكبر أيضا لزيادة التبادل التجاري. وذكر أحد الطلاب إمكانات تعزيز هذا التبادل مع البلدان المجاورة للمغرب، مشيرا إلى مستوى التجارة شديد الضآلة في الوقت الراهن. وقال الطالب إن نسبة التجارة بين المغرب والجزائر لا تتجاوز رقما من خانة واحدة ـ وهو أمر مؤسف لأن المغرب تستورد منتجات تصدرها الجزائر، والعكس صحيح. ويمكن إقامة علاقات تجارية تعود بالنفع على البلدين.
وبالنسبة للأزمة العالمية، قال الطلاب إن تأثر المغرب بالأزمة كان أقل من بعض البلدان الأخرى لأن سوقها المالية أقل تطورا وأقل اندماجا في السوق العالمية. ودارت مناقشة بين الطلاب حول ما إذا كان ذلك مفيدا أم مضرا، حيث أقر معظمهم بأن الانغلاق الاقتصادي ليس حلا قابلا للاستمرار.
وتحدثت طالبة عن الدروس المستخلصة من الأزمة، مؤكدا ضرورة وجود نظم للإنذار المبكر وقيام الحكومة بدور تنظيمي ملائم في الأسواق. وقالت الطالبة إن جذور الأزمة ترجع إلى "الاستخدام العبثي" لعقود المشتقات وغيرها من الأدوات المالية، إلى جانب التوريق. وكان رأي الطالبة أنه يفضل العودة إلى الأساسيات، أي إلى الأدوات المالية الأكثر بساطة.
واختلف أحد الطلاب مع هذا الرأي، مشيرا بشيء من الدعابة إلى أن التخلف هو الذي أنقذ البلاد من الأزمة. وقال الطالب: "ليس لدينا ابتكار مالي، وعدم توافر هذه المنتجات لدينا لا يعني أننا في وضع إيجابي." وواصل قائلا: "العيب لا يكمن في النظام الرأسمالي ـ فضعف الإدارة هو الذي ساق العالم إلى أزمة مالية، وليس مفهوم الرأسمالية. والعودة إلى الأساسيات لا يؤدي بنا إلى أي نتيجة ـ إنما ينبغي أن نحاول التعلم من أخطائنا ثم نتحرك إلى الأمام."
وارتباطا بنفس الموضوع، أعرب الطلاب عن اعتقادهم بأنه من الضروري أن تتحسن قدرة المغرب على المنافسة. فقال أحد الطلاب: "ينبغي أن نتوخى الحذر التام تجاه الحمائية. فما نفعله الآن هو إبدال إنتاجنا من الطماطم والبرتقال بأجهزة التلفزيون، ومن ثم فنحن الخاسرون في معركة الحمائية. ويمكن أن نبدأ التفكير في هذه الأمور بمجرد أن نصبح قادرين على إنتاج التلفزيون والثلاجة بأنفسنا ـ أي ننتج أجهزتنا المماثلة سواء بسواء."
واختلفت آراء الطلاب حول مدى تفاؤلهم أو تشاؤمهم تجاه مستقبل الاقتصاد المغربي. فقال بعضهم إنه يشعر بالتفاؤل إزاء المشروعات الجديدة الجارية في البلاد ـ مثل مشروع القطار السريع (TGV)، والقوانين الجديدة لتحسين مناخ الأعمال في البلاد، وسلسلة الاستراتيجيات الإنمائية التي طرحتها الحكومة.
وأعرب طلاب آخرون عن رأي مخالف، حيث قالوا إن أمام البلاد شوطا طويلا حتى تتحسن مؤشرات تنميتها البشرية ثم تبدأ التفكير في مشروعات التنمية الضخمة. وفي هذا الصدد تساءل طالب قائلا: "هل القطار السريع هو أهم الأولويات؟" وأضاف: "لقد تحدثنا لتونا عن التعليم، وتحدثنا عن الحوكمة. وأشك أن تكون المشروعات الضخمة هي الأهم بالنسبة لنا."
وختاما، توافقت الآراء على أنه لا بأس من التفاؤل، ما دام المغربيون يدركون مشكلات بلدهم الاقتصادية ويعملون على حلها. وقد لخص أحد الطلاب هذه النتيجة بقوله: "المسألة ليست مسألة تفاؤل أو تشاؤم ـ إنما المهم أن نعمل لإنجاز الأهداف."