مجموعة الأربعة والعشرين الحكومية الدولية المعنية بالشؤون النقدية والتنمية الدولية
13 أكتوبر 2020
1- انتشر مرض فيروس كورونا (كوفيد-19) بسرعة في جميع أنحاء العالم وفي كثير من الأسواق الصاعدة والبلدان النامية على مدار الستة أشهر الماضية. وبينما بلغت البلدان مراحل مختلفة في سياق السيطرة على انتشار الفيروس، لا تزال بلدان كثيرة تعاني من ارتفاع مستويات العدوى والوفيات. ورغم أن الاقتصاد العالمي لا يزال في حالة ركود، فقد سجلت الآفاق العالمية تحسنا طفيفا نظرا لأن التراجع الاقتصادي في بعض الاقتصادات الكبرى كان أخف وطأة مما كان متوقعا في وقت سابق. فالأثر الاقتصادي الناجم عن الانكماش العالمي والتدابير المتخذة على المستوى الوطني لاحتواء هذه الجائحة، رغم تباينها في مختلف البلدان، كان شديد الوطأة على الأسواق الصاعدة والبلدان النامية ككل. ولأول مرة منذ عقود، من المتوقع أن يكون نمو إجمالي الناتج المحلي سالبا هذا العام في الأسواق الصاعدة والبلدان النامية، كمجموعة. وتتسبب الجائحة أيضا في تفاقم عدم المساواة، مع فقدان الملايين من البشر لأرزاقهم ووقوعهم في براثن الفقر.
2- ولا نزال بصدد مواجهة آفاق اقتصادية على قدر مرتفع من عدم اليقين. فمن المتوقع أن يطول أمد التعافي الاقتصادي مع احتمال تعرض قدراتنا الإنتاجية لآثار غائرة. وقد يشهد التعافي الاقتصادي انتكاسة من جراء الطفرات المتكررة من الإصابات بالعدوى في ظل التخفيف من إجراءات التباعد الاجتماعي. وبالإضافة إلى ذلك، لا تزال المخاطر المحيطة بالاستقرار المالي قائمة، مما قد تترتب عليها تيارات معاكسة تعيق التعافي. وتشكل زيادة احتمالات التطورات السلبية خطرا على مكاسب التنمية التي تحققت بشق الأنفس وتزيد أكثر من صعوبة تحقيق أهداف التنمية المستدامة. ومع ذلك، لا نزال نشعر بالتفاؤل إزاء احتمالات التوصل إلى اللقاحات والعلاجات الفعالة التي يسهل الوصول إليها والتي يمكنها التغلب على الجائحة ومن ثم التعجيل من استئناف النشاط الاقتصادي.
3- وفي هذا المنعطف الحرج، نشعر بالتفاؤل إزاء الجهود التي تبذلها مجموعة العشرين، ومنظمة الصحة العالمية، ومنظمة التجارة العالمية، والمؤسسات المالية الدولية لتوطيد التعاون العالمي لدعم كل البلدان -بالجهود التضامنية- في مواجهة الأزمات الصحية والاجتماعية والاقتصادية المترابطة التي نتجت عن جائحة كوفيد-19. ونحيط علما بالدعم الجماعي من مجموعة العشرين لاستحداث وتصنيع لقاحات وعلاجات لاحتواء الجائحة بأسعار معقولة وتوزيعها بصورة عادلة، حيث تعد سلعا عامة عالمية ذات أهمية بالغة. وينبغي أن يتاح لكل البلدان، بلا استثناء، الحصول على هذه السلع العامة في الوقت المناسب وبتكلفة معقولة حسب حاجتها، ولأسباب إنسانية أيضا. ونرحب كذلك بمبادرة مجموعة البنك الدولي المقترحة لتوفير مبلغ قدره 12 مليار دولار لمساعدة البلدان النامية في شراء لقاحات كوفيد-19 لعلاج ما قد يصل إلى مليار نسمة بمجرد توافر الأدوية الفعالة. ونرحب أيضا بمبادرة "مرفق إتاحة لقاحات كوفيد-19 على الصعيد العالمي" (COVAX) ونحث الاقتصادات الكبرى على توفير الدعم المالي اللازم لضمان إتاحة هذه اللقاحات لكل البلدان، بلا استثناء، في الوقت المناسب وبتكلفة معقولة.
4- وندعو كبرى الاقتصادات للعمل معا واستخدام كل أدوات السياسات المتاحة لدعم البيئة المواتية لمساعدة البلدان التي تسعى حثيثا لاحتواء الجائحة واستعادة القدرة على تحقيق نمو اقتصادي احتوائي. وينبغي أن تواصل جهودها لتسهيل التجارة والاستثمار الدوليين وبناء الصلابة في سلاسل الإمداد لدعم النمو والتنمية. ونحن مستمرون في الاستجابة باتخاذ التدابير الاستثنائية على مستوى السياسة، حسبما تسمح الظروف الوطنية، للتعامل مع آثار الجائحة. فالانخفاض الحاد في مصادر إيراداتنا الرئيسية إلى جانب خروج تدفقات رأس المال تسببا في نضوب موارد المالية العامة والاحتياطيات الوقائية في وقت أصبحت الحاجة ماسة إليها. وقد استجابت المؤسسات المالية الدولية بتوفير دعم طارئ، إلا أن المساعدات المالية الخارجية لا تزال دون المستويات اللازمة في هذه الظروف الاستثنائية. لذا ندعو المجتمع الدولي والمؤسسات المالية الدولية لتكثيف جهودها، إلى أقصى حد ممكن، على صعيد دعم السيولة والمالية العامة لمساعدة الأسواق الصاعدة والبلدان النامية على الحد من خسائر الأرواح، وتوفير الحماية الاجتماعية، ودعم التعافي الاقتصادي.
5- ونؤكد مجددا أهمية إقامة شبكة أمان مالي عالمية قوية يشغل الصندوق موضع الصدارة فيها كمؤسسة تتوفر لها الموارد الكافية وتقوم على حصص العضوية. وبالتالي فإن استكمال المراجعة العامة السادسة عشرة لحصص عضوية الصندوق ضمن الإطار الزمني المتفق عليه سيكون مطلبا أساسيا لتخفيض اعتماد الصندوق على الموارد المؤقتة وتنفيذ إصلاحات الحوكمة التي طال انتظارها. ونؤيد مواصلة المناقشات على الصعيد العالمي بشأن إجراء توزيع فعال جديد لحقوق السحب الخاصة إلى جانب إنشاء آليات تُنقَل من خلالها حقوق السحب الخاصة غير المستخدمة إلى البلدان الضعيفة التي تحتاجها. وسيعزز ذلك من السيولة بشكل كبير في العديد من الأسواق الصاعدة والبلدان النامية بتكلفة ضئيلة على المجتمع الدولي. وندعو إلى زيادة توسع البنوك المركزية الرئيسية في إتاحة خطوط مبادلة العملات وخطوط إعادة الشراء لمزيد من الأسواق الصاعدة والبلدان النامية ومساندة المبادرات الرامية إلى زيادة التمويل المتاح من الأسواق بتكلفة معقولة.
6- وينبغي إعطاء أولوية قصوى لزيادة التمويل بشروط ميسرة في سياق استجابة المجتمع الدولي لمواجهة الآثار الاقتصادية والاجتماعية التي تخلفها الجائحة لتجنب وقوع أضرار جسيمة ومطولة في آفاق التنمية بالبلدان النامية منخفضة الدخل. ولتكملة جهود الأسواق الصاعدة والبلدان النامية في تعبئة الموارد المحلية فإن التعاون متعدد الأطراف سيكون مطلبا ضروريا لاحتواء التدفقات المالية غير المشروعة وإصلاح القواعد والممارسات الضريبية الدولية التي تتسبب في تآكل قاعدتنا الضريبية، وذلك مثلا بصياغة حل متعدد الأطراف لفرض الضرائب على الأنشطة الرقمية بحيث يراعي مشاغل الأسواق الصاعدة والبلدان النامية. وهنا تتضح الأهمية الخاصة لدور بنوك التنمية متعددة الأطراف، التي يمكنها الاستفادة من رؤوس أموال مساهميها عدة مرات. فبإمكان هذه البنوك بل وينبغي لها أن تستكشف سبلا فعالة لتوسيع ميزانياتها العمومية بغية تعزيز طاقتها الإقراضية. وفي المرحلة القادمة، يتعين مراقبة القيود المحتملة على الطاقة الإقراضية لهذه البنوك في الأجل المتوسط ومعالجتها على النحو الملائم.
7- وهناك أهمية بالغة لمساندة البلدان النامية في التعامل مع تفاقم مكامن الخطر في أوضاع مديونياتها لتجنب الوقوع في أزمة مديونية تؤدي إلى حدوث انتكاسة كبيرة على مسار التنمية. ونرحب بمبادرة مجموعة العشرين لتعليق مدفوعات خدمة الدين ونحث الاقتصادات المتقدمة وكذلك الأسواق الصاعدة التي يتوفر لديها مساحة للإنفاق من المالية العامة على تمديد أجل الدعم المقدم بموجب هذه المبادرة لما بعد عام 2020. ونحث بنوك التنمية متعددة الأطراف على استكشاف سبل فعالة، بما في ذلك التحويلات الصافية للموارد، لدعم البلدان النامية التي تحتاج لتأجيل مدفوعات الدين. وينبغي أن يضطلع الدائنون من القطاع الخاص بمسؤوليتهم الاجتماعية على الصعيد العالمي في تقاسم أعباء التخفيف من أوضاع المديونية الحرجة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن احتمالات قيام هيئات التصنيف الائتماني بتخفيض تقديرات الجدارة الائتمانية التي تؤثر على إمكانية النفاذ إلى الأسواق قد ينعكس على القرارات السيادية في السعي للحصول على التخفيف الضروري لأعباء الديون، وهو مجال يتطلب المزيد من العمل لتنفيذ إجراءات فعالة لتأجيل مدفوعات الدين. ونؤيد زيادة شفافية الدين والمساعدة المقدمة من صندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي في تقوية القدرات في مجالي إدارة الدين وإدارة المالية العامة.
8- ونرحب بمناقشات مجموعة العشرين الجارية حول وضع إطار منظَّم لمعالجات الديون، بخلاف مبادرة تعليق مدفوعات خدمة الدين، لدعم جهود البلدان للوصول بالدين إلى مستويات يمكن الاستمرار في تحملها. وينبغي أن يتضمن مثل هذا الإطار آليات لإعادة هيكلة الديون وتخفيضها عند الضرورة لاستعادة قدرتها على إبقاء الدين في حدود قابلة للاستمرار. وندعو الصندوق ومجموعة البنك الدولي وغيرهما من شركاء التنمية للنظر في طرق لدعم البلدان الخاضعة لعمليات إعادة هيكلة ديونها بما يلزمها من تمويل استثنائي، والعمل بشكل عاجل على وضع آليات تعزز تسوية الديون السيادية بشكل عادل ومنظم وجيد التوقيت. ويتضح من التجربتين الأخيرتين مع حكومتي الأرجنتين وإكوادور حجم التحديات في تنسيق جهود الدائنين من القطاع الخاص من أجل سرعة التوصل إلى اتفاق مع الدائنين من القطاع الخاص بشأن إعادة هيكلة الدين السيادي.
9- ونعرب عن تقديرنا لجهود الصندوق ومجموعة البنك الدولي في مساندة الأسواق الصاعدة والبلدان النامية على مدار الشهور الستة الماضية.
- بالنسبة لصندوق النقد الدولي، نشيد بتوفير الإقراض الطارئ في الوقت المناسب لأكثر من 80 بلدا ونحث الصندوق على تيسير إتاحة الدعم لكل البلدان الأعضاء الساعية للحصول على المساعدة المالية العاجلة. ونرحب بالزيادة المؤقتة في الحدود القصوى السنوية لإمكانية استفادة البلدان الأعضاء الكلية من موارد الصندوق. ونرحب أيضا بتمديد العمل بحدود الاستفادة العليا بموجب تسهيلات الصندوق للطوارئ لمدة ستة أشهر. ونعرب عن تقديرنا للجهود الجارية لزيادة موارد الصندوق الاستئماني للنمو والحد من الفقر وندعو إلى تقديم مساهمات إضافية لتمويل هذا الصندوق والصندوق الاستئماني لاحتواء الكوارث وتخفيف أعباء الديون. ونحث الصندوق على مواصلة العمل السريع لاستكشاف السبل المختلفة لإصلاح مجموعة أدواته الإقراضية ودعمه الاستشاري ومواءمتها مع احتياجات البلدان المتغيرة أثناء الأزمة الحالية وفي فترة التعافي الاقتصادي.
- وبالنسبة لمجموعة البنك الدولي، نرحب ببرنامجها الاقتصادي للإقراض المخصص له مبلغ 160 مليار دولار على مدى خمسة عشر شهرا ونشيد بجهود مجموعة البنك في تركيز توفير جانب من القروض في البداية وتوفير زيادة هائلة في حجم قروضها في الربع الأخير من السنة المالية 2020. ونحث مجموعة البنك الدولي على التحلي بالمرونة في الاستجابة لطلبات الدعم للحصول على التمويل. وإذ نحن بصدد استمرار الاحتياج للتمويل الاستثنائي في الأسواق الصاعدة والبلدان النامية لما بعد السنة المالية 2021 نظرا للآثار السلبية التي تخلفها جائحة كوفيد-19 على نمو الإنتاجية، والحد من الفقر، وعدم المساواة، ينبغي أن تتأهب مجموعة البنك الدولي للاستجابة بمواصلة تقديم الدعم الاستثنائي لما بعد السنة المالية 2021.
10- أمامنا في الوقت الحالي طريق طويل لتحقيق التعافي الاقتصادي المستمر. وقد نخسر ما حققناه من تقدم على مدار عقد كامل نحو الحد من الفقر، كما أن الآثار الغائرة من جراء فترة الركود تلقي بعبء ثقيل على آفاق التنمية في بلادنا. ونحن بحاجة لبناء اقتصادات أكثر صلابة، والاستفادة من الرقمنة، والتصدي لتحديات طال أمدها من حيث خلق الوظائف، وتخفيض مستويات عدم المساواة المرتفعة، وتغير المناخ وغيره من المشاغل البيئية مع إتاحة الفرص الكافية للحصول على الطاقة وخدمات البنية التحتية التي يمكن التعويل عليها وبأسعار في المتناول، لا سيما في القطاع الصحي الذي اتضحت هشاشته بعد تفشي جائحة كوفيد-19. وسيتعين توفير المساعدات الخارجية الكافية والفعالة في الوقت المناسب لتكملة مواردنا المحلية التي تقلصت. والتعاون الدولي في الوقت الراهن يكتسب أهمية أكثر من أي وقت مضى في سبيل إعطاء دفعة لتمويل التنمية والتأكد من أن البنيان المالي الدولي سيتيح للجميع الاستفادة من منافع التمويل.
إدارة التواصل، صندوق النقد الدولي
قسم العلاقات الإعلامية
مسؤول الشؤون الصحفية:
هاتف:7100-623 202 1+بريد إلكتروني: MEDIA@IMF.org