خبراء الصندوق يختتمون زيارة إلى الضفة الغربية وغزة
29 أغسطس 2022
- شهد الاقتصاد الفلسطيني تعافيا قويا في عام 2021 من جائحة كوفيد-19، وإن كان لا يزال يعاني من ارتفاع مزمن في مستويات البطالة والفقر. ومن المتوقع تراجع معدلات النمو الاقتصادي هذا العام.
- ويواجه الاقتصاد تحديات هائلة تتطلب إصلاحات شاملة ومنسقة. وعلى السلطة الفلسطينية وإسرائيل ومجتمع المانحين بذل الجهود اللازمة في هذا الصدد.
- وتشعر البعثة بالتفاؤل إزاء الإصلاحات الطموحة التي تستهدفها السلطات والتي تتمحور حول احتواء فاتورة الأجور في القطاع العام.
واشنطن العاصمة: أجرى فريق من خبراء صندوق النقد الدولي بقيادة ألكسندر تيمان مناقشات في الفترة من 16 إلى 28 أغسطس/آب 2022 لتقييم التطورات الاقتصادية الأخيرة في الضفة الغربية وغزة. والتقى فريق الصندوق مع دولة الدكتور محمد اشتية رئيس الوزراء، ومعالي السيد شكري بشارة وزير المالية، ومعالي الدكتور فراس ملحم محافظ سلطة النقد الفلسطينية، ومعالي السيد خالد العسيلي وزير الاقتصاد الوطني، وأعضاء آخرين في الفريق الاقتصادي الفلسطيني.
وفي ختام البعثة، أدلى السيد تيمان يالبيان التالي:
"شهد الاقتصاد الفلسطيني تعافيا قويا في عام 2021 من جائحة كوفيد-19، بينما ازدادت مستويات البطالة ولا تزال مرتفعة للغاية، لا سيما في غزة . وعقب موجة حادة من الركود في عام 2020، سجل إجمالي الناتج المحلي الحقيقي نموا قدره 7,1% في عام 2021 مع بداية حملة التطعيم ضد فيروس كوفيد وإرخاء القيود المفروضة على الحركة. وبلغت مساهمة الاستهلاك الخاص في النمو 5,5 نقطة مئوية، وهو ما يرجع جزئيا إلى ارتفاع معدلات توظيف العمالة الفلسطينية في إسرائيل. غير أن غزة لم تسجل نموا سوى بنسبة 3,4% نظرا للتقدم البطيء في جهود إعادة الإعمار عقب النزاعات التي وقعت في مايو 2021. وبالرغم من نمو معدل التوظيف بنسبة 8% خلال العام الجاري، ارتفع معدل البطالة إلى 26,4% في نهاية عام 2021. ولا يزال قطاع غزة يشهد ارتفاعا مزمنا في معدلات البطالة، وهو ما يعكس القيود المفروضة على حركة الأشخاص والسلع، ويرتبط إلى حد كبير أيضا باتساع دائرة الفقر."
"وتشير الآفاق المتوقعة لعام 2022 إلى تباطؤ الاقتصاد في ظل المخاوف المتزايدة بشأن التضخم. ويُتوقع تراجع النمو إلى 4%، وهو ما يعكس انحسار الاستهلاك والاستثمار بسبب تدني الدخول الحقيقية في ظل ارتفاع الأسعار، واستمرار مواطن الضعف في المالية العامة، وتصاعد حالة عدم اليقين بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا – ورغم محدودية التداعيات المباشرة من روسيا وأوكرانيا، هناك العديد من الآثار غير المباشرة، لا سيما على واردات الغذاء والوقود من خلال إسرائيل. كذلك تشير التوقعات إلى ارتفاع حاد في معدلات التضخم نتيجة ارتفاع أسعار الغذاء والوقود ومواد البناء.
"ورغم صعوبة الأوضاع، نجحت السلطات في احتواء عجز المالية العامة. فقد تراجع عجز المالية العامة إلى 5,2% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2021 وإلى 0,4% من إجمالي الناتج المحلي في النصف الأول من عام 2022. وفي المرحلة القادمة، تتوقع البعثة زيادة العجز في النصف الثاني من العام ليصل إلى 3,5% من إجمالي الناتج المحلي في نهاية عام 2022. ومما ساهم في هذه النتائج الارتفاع الكبير في مستوى الإيرادات الذي تجاوز بكثير نمو إجمالي الناتج المحلي الاسمي، والقيود المفروضة على الإنفاق الجاري. غير أن هذه القيود تشمل أيضا التخفيض غير المرغوب في التحويلات الاجتماعية وتدني الإنفاق الإنمائي. ومع تراجع المنح الموجهة لدعم الموازنة بنسبة 40% في عام 2021 مقارنة بعام 2020، زاد الدين العام (بما في ذلك المتأخرات المستحقة للموردين وهيئة التقاعد الفلسطينية) من 34,5% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2019 إلى 48,4% من إجمالي الناتج المحلي في نهاية عام 2021، أو 20,6% من إجمالي الناتج المحلي باستثناء المتأخرات. وفي غضون ذلك ، حافظ القطاع المصرفي على استقراره ، برأس مال كافٍ.
"ويواجه الاقتصاد الفلسطيني تحديات هائلة. فعلى المدى المتوسط، تتأثر التوقعات بوضع المالية العامة، والاضطرابات السياسية والأمنية والاجتماعية الكبيرة، وتصاعد معدلات التضخم، والقيود المفروضة على الحركة والدخول، وعدم استكمال الخطة الهيكلية. وتتسم معظم التحديات التي تواجه المالية العامة بطابعها الهيكلي – فالسلطة الفلسطينية تتحمل فاتورة أجور مرتفعة في القطاع العام وتنفق جزءا كبيرا من ميزانيتها في غزة والقدس الشرقية، ولكنها لا تحقق أي إيرادات تقريبا في هاتين المنطقتين أو في مناطق الضفة الغربية الواقعة تحت السيطرة المدنية والأمنية الإسرائيلية، وهي المعروفة بالمنطقة جيم، كما أن السلطة الفلسطينية وإسرائيل مختلفتان حول حجم الإيرادات الذي يتعين على إسرائيل تحويلها للسلطة الفلسطينية. وما لم يتم تعديل سياسة المالية العامة، لن يتسنى الحفاظ على استدامة الموارد العامة، ويُتوقع تراجع النمو الاقتصادي تدريجيا على المدى المتوسط إلى معدله الممكن الذي يُقدر بحوالي 2%.
"وسيتطلب التغلب على هذه التحديات تنفيذ إصلاحات طموحة على مدار عدة أعوام والتعاون الوثيق بين السلطة الفلسطينية وحكومة إسرائيل والمانحين. فالسلطة الفلسطينية في حاجة إلى إجراء إصلاحات في الإنفاق – تتمحور حول فاتورة الأجور وصافي الإقراض وإصلاح قطاع الصحة – إلى جانب مواصلة توسيع القاعدة الضريبية، وإجراء إصلاحات هيكلية لتحسين بيئة الأعمال. وفي سياق التعاون المشترك بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، ينبغي أن تعملا على إيجاد حل للملفات المالية العالقة من أجل تعزيز الإيرادات الفلسطينية، والحد من القيود التي تفرضها إسرائيل على حركة السلع والأفراد والاستثمار لإطلاق العنان للنمو الاقتصادي الممكن. ومن الممكن جذب أموال المانحين عن طريق تعزيز الثقة الذي يتم بدوره من خلال تنفيذ إصلاحات يقودها الفلسطينيون، مما يساعد على تخفيف عبء التكيف على السكان وشركات القطاع الخاص، وبالتالي تمهيد الطريق لتسريع النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل والتخفيف من حدة الفقر. وفي هذا الصدد، نرحب بالمنح المقدمة مؤخرا من الاتحاد الأوروبي لعام 2021.
"وتشعر البعثة بالتفاؤل إزاء الإصلاحات المبرره التي تستهدفها السلطات. ويتمثل الهدف في تحقيق خفض كبير في فاتورة الأجور بالقطاع العام وإدارة صافي الإقراض، ومواصلة إصلاحات الرعاية الصحية وتحسين بيئة الأعمال، مما سيتيح بمرور الوقت حيزا ماليا لتسوية المتأخرات وزيادة الإنفاق الاجتماعي والاستثمار في التنمية. وسيسمح ذلك أيضا بصرف أجور القطاع العام بالكامل مجددا، بدلا من صرف رواتب جزئية كما هو الحال الآن – وهو إجراء مالي طارئ ومؤقت، وإن كان يؤكد على ضرورة الإصلاحات. وتدرك البعثة أن عددا من الخطط المفصلة لإصلاح فاتورة الأجور من خلال فتح باب التقاعد المبكر قيد الإعداد حاليا. وهي خطوة أولى مهمة ينبغي أن يليها وضع سياسات لاحتواء فاتورة الأجور مستقبلا، بما في ذلك الحد من التعيينات الجديدة وزيادات الأجور، وإصلاح نظام العلاوات، وإجراء مراجعة وظيفية للعمالة بالقطاع العام في الأجل المتوسط. كذلك ناقشت البعثة المبادرات الهادفة إلى احتواء صافي الإقراض وإصلاح قطاع الصحة.ورحبت البعثة بمبادرات وزارة المالية بشأن كل هذه الإصلاحات.
وينبغي أن تركز الإصلاحات بداية على تدابير "سد الفجوة" التي يمكن اتخاذها على المدى القصير، يليها التنفيذ التدريجي لإصلاحات طموحة على المدى المتوسط وفق تسلسل دقيق، وهو ما سيتطلب التزاما سياسيا قويا ومستمرا. وبالإضافة إلى هذه الإصلاحات المالية، تقود سلطة النقد الفلسطينية مجموعة من الجهود في الوقت الحالي لتعزيز إطار مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك من خلال التعديلات الأخيرة في قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب التي تجرم تمويل الإرهاب و تتواءم مع المعايير الدولية، وإصدار مرسوم بإدراج القرارات الأمنية الصادرة عن الأمم المتحدة بشأن تمويل الإرهاب في التشريعات الوطنية. ويقف صندوق النقد الدولي على أهبة الاستعداد لتقديم المساعدة الفنية لدعم جهود الإصلاح التي تبذلها السلطات.
"وتحث البعثة على إحراز المزيد من التقدم على صعيد التعاون بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني . وتشير إلى أن زيادة عدد التصاريح الصادرة إلى الفلسطينيين للعمل في إسرائيل والمستوطنات كانت لها دور إيجابي في دفع الاقتصاد. ولاحظت البعثة أيضا التقدم المحرز في مشروع ضريبة القيمة المضافة الإلكترونية الذي تم تنفيذه على أساس تجريبي وينبغي التوسع فيه سريعا ليشمل كافة التجار. وتشعر بالتفاؤل إزاء المبادرة التي تم إطلاقها للبدء في صرف أجور العمالة الفلسطينية في إسرائيل والمستوطنات إلكترونيا، والتي ستساهم في تقليص تدفقات الشيقل الورقية الوافدة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، والحد بالتالي من مشكلة السيولة الزائدة التي تواجه البنوك الفلسطينية. غير أن التقدم المحرز فيما يتعلق بالملفات المالية العالقة ظل بطيئا منذ اجتماع لجنة الاتصال المخصصة في شهر مايو/أيار. وتحث البعثة الطرفين على التوصل سريعا إلى اتفاق حول تخفيض رسوم المناولة وإعفاء شحنات الوقود منها، مع مواصلة التركيز على الملفات المالية الأخرى، مثل رسوم العبور على جسر الملك حسين والضرائب من المنطقة جيم، وكذلك نقل ادارة الجمارك (بما في ذلك المستودعات الجمركية). كذلك لم يتحقق سوى تقدم محدود نحو حل قضية علاقات المراسلة المصرفية المهمه التي لا تزال عالقة منذ فترة طويلة. ومن شأن إجراء مناقشات مكثفة بين وزارتي المالية الاسرائيلية والفلسطينية المساعدة في إحراز تقدم على صعيد هذه القضايا، مع ضرورة مناقشة قضايا التجارة والتنقل بوجه أعم أثناء اجتماعات اللجنة الاقتصادية المشتركة.
"ويعرب فريق صندوق النقد الدولي عن امتنانه لما أُجري من مناقشات مفتوحة وبناءة مع السلطات الفلسطينية، إلى جانب ممثلين لحكومة إسرائيل والبنك المركزي الإسرائيلي، والقطاع الخاص، والمجتمع الدولي، مما عزز فهمنا للوضع الحالي. وسيواصل فريق الصندوق التعاون مع السلطات الفلسطينية عن كثب لمساعدتها في معالجة التحديات الاقتصادية والمالية."
إدارة التواصل، صندوق النقد الدولي
قسم العلاقات الإعلامية
مسؤول الشؤون الصحفية: Wafa Amr
هاتف:7100-623 202 1+بريد إلكتروني: MEDIA@IMF.org