بعد توقف دام عقدا كاملا، الصندوق يستأنف أنشطته الرقابية في ليبيا
13 يونيو 2023
نجاح الإصلاحات يتوقف على إحلال بيئة سياسية وأمنية مستقرة وتطوير القدرات المؤسسية.
ظلت ليبيا غارقة في صراعات وأجواء من عدم اليقين السياسي منذ سقوط نظام القذافي في عام 2011. وحتى وقت قريب، كانت حالة التشتت التي عانت منها البلاد تعوق عملية صنع السياسات وجمع البيانات الاقتصادية الرئيسية. ومع هذا، بذلت ليبيا جهودا كبيرة للتحرك قُدُما والتغلب على التحديات الاقتصادية التي جلبها الصراع السياسي.
وبينما تمهد ليبيا الطريق نحو تعافيها الاقتصادي، حققت تحسنات مؤخرا في جمع البيانات وتبادلها وشفافيتها، وهو ما مَكَّنَ صندوق النقد الدولي من استئناف أنشطته الرقابية بعد توقف دام عقدا كاملا.
أسس التعافي
في سياق أول فحص لسلامة اقتصاد ليبيا منذ عشر سنوات، حدد صندوق النقد الدولي أبرز مواطن القوة وأهم الفرص التي ستدعم تعافي ليبيا. وتمكن مصرف ليبيا المركزي من الاحتفاظ برصيد كبير من الاحتياطيات الدولية، يدعمه نظام سعر الصرف الثابت والضوابط الرأسمالية ومجموعة مختلفة من الترتيبات المؤقتة. وكان لذلك دور مهم في مساعدة البلاد لكي تتغلب على التقلبات غير المسبوقة في إنتاج النفط وإيراداته التي حدثت بعد الثورة.
وتمتلك ليبيا احتياطيات كبيرة من النفط والغاز، ولديها بالتالي واحد من أعلى مستويات نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي في إفريقيا. وسوف يظل إنتاج الهيدروكربونات جزءا أساسيا من المستقبل الاقتصادي في ليبيا، حيث يشكل حوالي 95% من الصادرات وإيرادات الحكومة. ونتوقع نموه بنحو 15% في عام 2023، عقب زيادة النشاط التي جاءت بعد حصار المنشآت النفطية الذي حد من الإنتاج في عام 2022. ومع هذا، سيكون التحدي الرئيسي هو تنويع النشاط الاقتصادي بعيدا عن النفط والغاز مع تعزيز الجهود لتحقيق نمو أقوى وأكثر شمولا للجميع بقيادة القطاع الخاص.
المرحلة المقبلة
إن ليبيا في حاجة إلى استراتيجية اقتصادية تحدد مسارا مستقبليا واضحا أمام الأمة. وسوف يتيح هذا الأمر فرصة لحشد التأييد العام لخطة تهدف إلى استخدام الإيرادات النفطية على النحو الأمثل في تنويع الاقتصاد والابتعاد عن سياسات حقبة القذافي التي كان تعزز سلوك السعي للكسب الريعي والفساد واللاشفافية على مستوى الحكومة.
وسوف يتوقف نجاح الإصلاحات على الوصول إلى بيئة سياسية وأمنية مستقرة وتطوير القدرات المؤسسية. وينبغي أن تركز جهود الإصلاح الهيكلي على تقوية المؤسسات وتعزيز سيادة القانون. وللحماية من المخاطر التي تنشأ من انخفاض إيرادات النفط واحتمال فقدان الاحتياطيات، ينبغي أن تتجنب السلطات إنفاق المزيد عندما يكون الأداء الاقتصادي جيدا وأن تدخر للأوقات التي قد يتباطأ فيها النشاط الاقتصادي.
ولتحقق هذا الهدف، تحتاج ليبيا بشكل عاجل إلى ميزانية شفافة وإلى تخفيض التكاليف المقترنة بارتفاع الإنفاق على أجور القطاع العام وإعانات الدعم. وتهيمن رواتب القطاع العام على الإنفاق الحكومي، فهناك حوالي 2,2 مليون نسمة – أي ثلث السكان – يعملون نظريا في القطاع العام. وتشكل إعانات الدعم والمنح حوالي ربع الإنفاق أما الدعم على الوقود فيمثل مشكلة ذات طبيعة خاصة حيث يُباع لتر البنزين بثلاثة سنتات أمريكية، وهو ثاني أدنى أسعار البنزين في العالم.