القوقاز وآسيا الوسطى: حان الوقت للتحرك الحاسم

1 نوفمبر 2017

تواصل بلدان القوقاز وآسيا الوسطى (CCA) مسيرة التعافي الاقتصادي بدعم من تحسن الأوضاع الاقتصادية لدى شركائها التجاريين، وارتفاع أسعار السلع الأولية، وتَعَمٌّق جذور الإصلاحات، حسبما يشير عدد 2017 الصادر مؤخرا من تقرير آفاق الاقتصاد الإقليمي لمنطقة القوقاز وآسيا الوسطى. وينبغي أن تستفيد بلدان المنطقة من الفرصة التي يوفرها انتعاش النمو العالمي ومبادرات التكامل المختلفة لتنويع نشاطها الاقتصادي وتعزيز النمو على المدى الأطول.

وفي هذا الصدد، يقول جوها كاكونن، نائب مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى إن "منطقة القوقاز وآسيا الوسطى أمامها فرصة يتيحها تحسن المناخ الاقتصادي العالمي وإطلاق عدة مبادرات إقليمية لتشجيع التكامل بين البلدان. وللاستفادة من هذه الفرصة، ينبغي أن تعمل بلدان المنطقة على إجراء إصلاحات تجذب الاستثمارات الأجنبية، وتخلق فرص عمل، وتدعم تنويع الاقتصاد. ويمكن أن تستفيد المنطقة من تقوية أطرها المؤسسية أيضا."

النمو يتعافى لكنه يظل أدنى من الاتجاه العام السائد مؤخرا

سيشهد نمو إجمالي الناتج المحلي انتعاشا في منطقة القوقاز وآسيا الوسطى مسجِّلاً 3.6% هذا العام بعد أن بلغ 2.5% في 2016، ثم يتسارع بالتدريج إلى 4.7% في 2022. ويرجع معظم هذا التحسن إلى الأداء الاقتصادي الأقوى لدى أهم الشركاء التجاريين، مثل الصين وروسيا، وارتفاع أسعار السلع الأولية الرئيسية، بما فيها النفط والنحاس والقطن والذهب.

ولكن على المدى المتوسط، من المتوقع أن يسجل النمو معدلا أدنى بكثير من المتوسط البالغ 8.1% والذي تحقق بين عامي 2000 و 2014. ويرجع هذا في الأساس إلى استمرار الضعف المتوقع في الأوضاع الاقتصادية الخارجية وأسعار السلع الأولية مقارنة بالمستويات المسجلة تاريخيا لنفس الفترة. وثمة حاجة لإصلاحات هيكلية إضافية في كل بلدان المنطقة، كما أن قدرة القطاعات المالية على دعم التعافي معرضة للخطر في بعض البلدان.

ومن خلال تحسين اندماج المنطقة في الاقتصاد العالمي، وهو ما يشمل مبادرات مثل "مبادرة حزام واحد، طريق واحد" التي أطلقتها الصين وبرنامج الإصلاح في أوزبكستان*، يمكن مساعدة بلدان القوقاز وآسيا الوسطى على معالجة احتياجات البنية التحتية، وخلق روابط اقتصادية ومالية أقوى، ومساندة التنويع الاقتصادي الضروري بعيداً عن التركيز على السلع الأولية وتحويلات العاملين.

ضرورة تقوية المالية العامة

بالرغم من أن حكومات المنطقة اتخذت خطوات لترشيد الإنفاق وزيادة الإيرادات لإعادة بناء الهوامش الوقائية في ماليتها العامة، فإنها لم تتمكن من تعويض الفجوة التي نشأت بخطوات مبكرة ملائمة لدعم النشاط الاقتصادي عندما تراجعت أسعار السلع الأولية وتحويلات العاملين. وقد استقر مستوى الدين العام، ولكنه لا يزال مرتفعا في بعض البلدان ويتعين بذل جهود أكبر لتخفيضه عن مستوياته الراهنة. 

ولتحقيق هذا الهدف، ينبغي أن تستثمر الحكومات الأموال العامة بدرجة أعلى من الكفاءة، واحتواء المصروفات الجارية – بما في ذلك فاتورة أجور القطاع العام – وإيجاد مصادر جديدة للإيرادات، وذلك باتخاذ إجراءات مثل تخفيض الإعفاءات الضريبية وتحسين التحصيل الضريبي، مع ضرورة حماية النفقات الاجتماعية ذات الأولوية.

معالجة الخلل في القطاع المالي

ساعد انخفاض أسعار الصرف وزيادة مرونتها على تخفيض عجز الموازنة والميزان التجاري في عدة بلدان، ولكنهما كشفا في نفس الوقت عن وجود مواطن ضعف عميقة الجذور في بعض النظم المصرفية. وقد تباطأ النمو الائتماني بدرجة حادة في هذه البلدان، وينبغي إجراء إصلاحات في القطاعات المالية حتى تتمكن من دعم التعافي الاقتصادي. ولأن أسعار الصرف لم تعد ثابتة، ينبغي أن تعزز هذه البلدان أطر سياساتها النقدية بتحديد أهداف واضحة لهذه السياسات، والإفصاح عنها للجمهور، ودعم استقلالية بنوكها المركزية. وهي تحتاج أيضا إلى التعجيل بتحسين التنظيم والرقابة في القطاع المصرفي، واحتواء مشكلات البنوك المتعثرة والقروض الرديئة، وإلغاء ممارسات الأعمال التي تتسبب في منح قروض عالية المخاطر.

سياسات دعم النمو

ويشير التقرير إلى أن تحقيق نمو أقوى وأكثر احتواء لكل شرائح المجتمع، والحد من الاعتماد على صادرات السلع الأولية وتحويلات العاملين، يتطلبان من بلدان المنطقة أيضا تحسين بيئة الأعمال وتنويع النشاط الاقتصادي وتعميق التكامل التجاري.

وقد حددت بلدان عديدة استراتيجيات طموحة للإصلاح الهيكلي وبدأت تنفيذها. لكن الأمر لا يزال يتطلب المزيد. فمع القوة المتزايدة التي يكتسبها التعافي العالمي، أصبح الوقت مناسبا لإعطاء هذه الإصلاحات دفعة حاسمة.