عندما يقدم صندوق النقد الدولي قرضا لأحد البلدان، فإنه يسعى للتأكد من أن البنك المركزي في هذا البلد يستطيع أن يدير هذه الأموال وأن يقدم له معلومات موثوقة. وتقييمات الضمانات الوقائية في الصندوق هي عملية لضمان العناية الواجبة لتحقيق هذا الهدف.
تقضي اتفاقية تأسيس صندوق النقد الدولي بتوافر "الضمانات الوقائية الكافية" لاستخدام موارد الصندوق. وذلك لضمان سداد القروض التي تُقَدَّم للبلدان الأعضاء عندما يحل أجل استحقاقها، حتى تتوافر هذه الأموال لأعضاء آخرين في حاجة إليها. وتتضمن الضمانات الوقائية حدودا لمقدار القروض التي يمكن الحصول عليها وشروط القروض، وإجراءات التعامل مع إبلاغ بيانات خاطئة والمتأخرات، وتقييمات الضمانات الوقائية في البنوك المركزية.
تقييم الضمانات الوقائية هو استعراض تشخيصي لإطار الحوكمة والرقابة لدى البنك المركزي. وتتألف هذه العملية من تقييم خمسة مجالات أساسية يشار إليها بالمختصر GELRIC للمساعدة على ضمان حماية قروض الصندوق والحد قدر الإمكان من خطر الإبلاغ غير الدقيق للبيانات الأساسية للصندوق (الإبلاغ الخاطئ).
هل توجد أجهزة منوطة بمهمة الحوكمة لتوفير الهياكل والنظم الملائمة التي تكفل الإشراف المستقل عن كثب لعمليات البنك المركزي؟ وهل أهم أجهزة صنع القرارات، مثل مجلس الإدارة ولجنة التدقيق والمحافظ ونائبيه، تتوخى العناية المهنية بقوة في تنفيذ واجباتها الاستئمانية تجاه البنك المركزي؟ ما هو تكوين أجهزة الحوكمة الرئيسية وكيف يجري تعيينها؟ وهل لديها القدرات اللازمة لتأدية المهام المنوطة بها؟
هل ينشر البنك المركزي كشوفه المالية السنوية التي تُدقق بصورة مستقلة وفق المعايير الدولية؟ كيف تجري عملية اختيار المدققين الخارجيين وتناوبهم؟ هل يخضع المدققون لعمليات داخلية قوية تضمن جودة التدقيق؟ هل يتواصل المدققون الخارجيون مع الأجهزة المعنية بالرقابة (على سبيل المثال، مجلس إدارة البنك المركزي ولجنة التدقيق).
هل الإطار القانوني يمنح البنك المركزي مستوى ملائم من الاستقلالية وهل يدعم مجالات GELRIC الخمسة الأخرى؟ هل ينص قانون البنك المركزي على ترتيبات قوية للحوكمة، بما فيها الاستقلالية والشفافية؟ هل توجد نظم داخلية وخارجية للضوابط والتوازنات؟ وهل البنك المركزي مؤمَّنٌ من تدخل الحكومة أو تجاوزها له؟
هل يلتزم البنك المركزي بالممارسات الدولية السليمة لضمان شفافية أعمال المحاسبة وإعداد التقارير المالية؟ هل تُنشر الكشوف المالية في الوقت المناسب؟ هل البيانات النقدية التي تُبَلَّغ في ظل البرامج مع صندوق النقد الدولي تتسق مع المعلومات المالية التي تُنشر وبيانات المحاسبة الأساسية؟
هل قسم التدقيق الداخلي في البنك المركزي ممتثل للمعايير الدولية؟ هل تتوافر في هذا القسم قدرات كافية ويتمتع بالاستقلالية التنظيمية لتقييم فعالية عمليات إدارة المخاطر والرقابة والحكومة في البنك؟ هل توجد آليات راسخة للرقابة وإعداد التقارير؟
هل يلتزم البنك المركزي بتأسيس بيئة رقابية قوية والمحافظة عليها؟ هل يحسن البنك إدارة المخاطر التشغيلية والمالية؟ هل توجد ضوابط راسخة لإدارة الاحتياطيات الأجنبية والإقراض والعملة والعمليات المصرفية والأمن السيبراني وترتيبات استمرارية العمل؟ هل العمليات الداخلية تدعم الدقة في إبلاغ الصندوق بيانات البرنامج النقدي في الوقت المناسب؟
يضطلع كل من البنوك المركزية وسلطات البلدان وخبراء صندوق النقد الدولي بدور في عملية التقييم. فالبنوك المركزية تقدم معلومات عن مجالات الحوكمة والتدقيق الخارجي والهيكل القانوني والاستقلالية وإعداد التقارير المالية والتدقيق الداخلي والضوابط الداخلية (GELRIC) إلى صندوق النقد الدولي، بما فيها الكشوف المالية، وتقارير التدقيق الداخلي والخارجي، والتشريعات الخاصة بالبنك المركزي، وتقارير عن الضوابط الداخلية أو ملخصاتها. ويقوم خبراء الصندوق بمراجعة هذه المواد وينظم عادة زيارات للبنك المركزي لاستكمال تقييم الضمانات الوقائية. وتُعقد اجتماعات مع المسؤولين في البنك وأجهزة الحوكمة والمدققين الخارجيين. يلي ذلك إعداد تقرير يتضمن توصيات مرتبة حسب الأولوية لمعالجة مواطن الضعف المحددة، قد تصبح جزءا من معايير البرنامج.
تقدم سلطات البلدان تعليقات رسمية على تقارير الضمانات الوقائية قبل الانتهاء من إعدادها. وهذه التقارير سرية ولا يطلع عليها المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي*. وبدلا من ذلك، يُقَدَّم للمجلس مخلصٌ لأهم النتائج المستخلصة والتوصيات الواردة في التقارير القُطْرية التي يعدها خبراء الصندوق، كما تُقَدَّم له تقارير عن موضوعات أنشطة الضمانات الوقائية كل عامين.
يجوز، بموافقة البنك المركزي، إطلاع البنك الدولي أو، إذا استدعى الأمر، البنك المركزي الأوروبي (ECB)* على تقارير الضمانات الوقائية على أساس من السرية. كذلك يمكن للصندوق، بناء على موافقة البنك المركزي، أن يقدم تقارير موجزة سرية للجهات المانحة التي تطلب معلومات عن النتائج التي توصل إليها التقييم.
ويتابع خبراء الصندوق تنفيذ التوصيات حتى ينخفض مستوى الائتمان القائم على البلد العضو إلى دون المستوى الحدي المقرر في ظل متابعة ما بعد البرنامج. وبعد ذلك، تقتصر المتابعة عادة على مراجعة نتائج التدقيق الخارجي السنوي للبنوك المركزية.
وتُستثنى من تقييمات الضمانات الوقائية الكاملة الاتفاقات في ظل كل من خط الائتمان المرن (FCL) وخط السيولة قصيرة الأجل (SLL)، وهي تنطوي على معايير أهلية دقيقة. وبدلا من ذلك، يقتصر هذا الاتفاقان على مراجعة أحدث عملية تدقيق خارجي للبنك المركزي.
ولا يوجد إلزام بإجراء تقييمات الضمانات الوقائية لزيادة الاتفاقات القائمة أو للاتفاقات اللاحقة التي تُعقد خلال مدة 18 شهرا من تاريخ إجراء تقييم سابق. وليس ثمة إلزام بإجراء التقييمات في حالة البنوك المركزية التي لديها سجل أداء قوي واستكملت تقييما خلال السنوات الأربع السابقة.
بدأت سياسة تقييمات الضمانات الوقائية * في مارس 2000، عقب ظهور حالات من عدم الدقة في إبلاغ البيانات وادعاءات بسوء استخدام موارد صندوق النقد الدولي. وأصبحت تشكل الآن جزءا أساسيا من أنشطة الإقراض من الصندوق وتخضع عادة للمراجعة كل خمس سنوات.
