صندوق النقد الدولي

Search

مذكرة برنامجية

العراق

آخر تحديث بتاريخ : 31 مارس 2011

البرنامج الحالي المدعم بموارد الصندوق

اتفاق استعداد ائتماني (SBA) مدته سنتان بقيمة 2.38 مليار وحدة حقوق سحب خاصة (حوالي 3,8 مليار دولار أمريكي)، حصل على موافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي في 24 فبراير 2010. وقد استكمل المجلس التنفيذي المراجعة الأولى في ظل اتفاق الاستعداد الائتماني في 1 أكتوبر 2010، والمراجعة الثانية في 18 مارس 2011، ليصل مجموع الموارد المتاحة حاليا للعراق في ظل الاتفاق إلى 1069,56 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (حوالي 1,7 مليار دولار). وقد تم تمديد أجل البرنامج وقت إجراء المراجعة الثانية لمدة خمسة أشهر حتى شهر يوليو 2012، مع تعديل مراحل الصرف بناء على التحول في احتياجات التمويل من عام 2010 إلى عام 2011.

خلفية

تشير التقديرات إلى امتلاك العراق ثاني أكبر احتياطيات نفطية في العالم، وذلك في إطار تعديل التقديرات بالزيادة من 115 إلى 143 مليار برميل، وفقا لمسوح جيولوجية جديدة. وكانت موارد العراق النفطية قد مكنت البلاد بحلول السبعينات من الوصول إلى مرتبة البلدان متوسطة الدخل مع إقامة بنية تحتية حديثة وإنشاء نظم جيدة للتعليم والرعاية الصحية. غير أن العراق خاض ثلاثة حروب مدمرة منذ ذلك الحين، كما مر بفترة طويلة من سوء الإدارة الاقتصادية والمالية، وخضع لعقوبات دولية خانقة في فترة التسعينات. وألحقت هذه الأحداث أذى شديدا بالمواطنين، وأحدثت ضررا بليغا في المؤسسات السياسية والاقتصادية، وتسببت في محو الإنجازات الاقتصادية والاجتماعية السابقة. وبحلول عام 2004، كان نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي قد هبط إلى أقل من 800 دولار أمريكي، وعانت البلاد أعباء ديون عطلت تقدمها.

ولا تزال إعادة إعمار العراق بعد عام 2003 مهمة جسيمة وزادت صعوبتها بسبب التوجهات السياسية الطائفية وأعمال العنف التي امتدت لفترة طويلة. ولم تكن إعادة إعمار العراق تتطلب إعادة إنشاء بنيته التحتية وحسب، وإنما تطلبت أيضا إعادة بناء مؤسساته الاقتصادية والاجتماعية، وتهيئة مناخ للأعمال من شأنه جذب رؤوس الأموال وجلب التكنولوجيا والمهارات الحديثة معها حتى يتسنى تحديث الاقتصاد. وكان بمقدور العراق من حيث المبدأ توفير الموارد اللازمة لتمويل إعادة الإعمار بالاعتماد على احتياطياته النفطية الهائلة، ولكن تحويل هذه الموارد إلى إيرادات لم يكن بالمهمة السهلة بسبب الحاجة إلى إصلاح الصناعة النفطية وتعرضها لهجمات المتمردين. ومع ذلك، تتسم آفاق الاقتصاد العراقي بالقوة على المدى الأطول حيث بدأت الاستثمارات المحلية والأجنبية في قطاع الهيدروكربونات تؤتي ثمارها المرجوة، ومن المتوقع أن يشهد إنتاج وتصدير النفط زيادة كبيرة في السنوات القادمة.

دور صندوق النقد الدولي

يقوم التزام صندوق النقد الدولي تجاه العراق على ركيزتين أساسيتين. أولا وقبل كل شيء، يساعد الصندوق السلطات في جهودها للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي باعتباره شرطا أساسيا لتحقيق النمو الاقتصادي وإنشاء فرص عمل قابلة للاستمرار للقوى العاملة الكبيرة في العراق. ثانيا، قدم الصندوق وسيواصل تقديم المساعدة للسلطات العراقية في إعادة بناء المؤسسات الاقتصادية الأساسية من خلال تقديم المشورة على مستوى السياسات والخبرة الفنية.

  • الاستقرار الاقتصادي الكلي هو جوهر برامج صندوق النقد الدولي مع العراق: فمن خلال الدعم المتاح من عدد من برامج الصندوق، تحسنت الأوضاع الاقتصادية الكلية في العراق إلى حد كبير منذ عام 2003 رغم الأوضاع الأمنية بالغة الصعوبة وفترات عدم اليقين السياسي. وقد تراجع التضخم إلى مستوى منخفض في حدود الرقم الواحد، ولا يزال على انخفاضه لعدد من السنوات، بعد أن دخل في دوامة صعودية ليصل إلى 70% في عام 2007. ويواصل الاقتصاد النمو مع انتعاش القطاع النفطي والتحسن المطرد في الأوضاع الأمنية. وقد انخفضت الديون إلى مستويات يمكن الاستمرار في تحملها، بدعم من المجتمع الدولي.
  • المشورة على مستوى السياسات تركز على مجالات سياسة المالية العامة والسياسات النقدية والمالية. وفي مجال المالية العامة، تم التشديد على اعتماد سياسات تدعم إعادة إعمار العراق ووضع نظام لشبكات الأمان الاجتماعي موجهة للفقراء، مع الحفاظ في الوقت ذاته على استمرارية أوضاع المالية العامة على المدى المتوسط. وفي مجال السياسات النقدية والمالية، انصب التركيز على إبقاء التضخم تحت السيطرة، باعتباره ضريبة عامة على الفقراء، إلى جانب المساهمة في وضع إطار لتمكين القطاع الخاص من التطور. وقد اتضحت أهمية المساعدة الفنية المقدمة من الصندوق دعما للمشورة على مستوى السياسات في مساعدة السلطات العراقية على تطوير قدراتها المؤسسية والبنية التحتية للحوكمة. 

البرنامج الحالي

يهدف البرنامج الحالي إلى استمرار الدعم المقدم لإعادة إعمار العراق في الأوقات العصيبة. وبعد الاختتام الناجح للبرنامج الثاني في إطار اتفاق الاستعداد الائتماني المبرم مع العراق، وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي في 24 فبراير 2010 على برنامج جديد مدته سنتان يتيح صرف حوالي 3,8 مليار دولار (2376,8 مليون وحدة حقوق سحب خاصة، أو 200% من حصة العضوية). وقد وفر هذا البرنامج إطارا اقتصاديا كليا يدعم الجهود الجارية لإعادة الإعمار أثناء فترة التحول السياسي بعد الانتخابات البرلمانية في شهر مارس 2010.

وتظل أهم أهداف البرنامج الحالي مماثلة لأهداف البرامج السابقة، وهي الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي، واعتماد سياسات وتدابير تضمن تحقيق نمو قابل للاستمرار والحد من الفقر. وقد استجاب البرنامج لانخفاض أسعار النفط عن مستويات الذروة في منتصف عام 2008، مما أدى إلى حدوث تدهور كبير في مركز العراق الخارجي في عام 2009 وظهور فجوة تمويلية في موارد الحكومة.

وإلى جانب الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي وتوفير الدعم للموازنة، يهدف البرنامج أيضا إلى دعم الخطة التي وضعتها السلطات لإجراء إصلاحات هيكلية في المدى المتوسط. وتستند هذه الخطة إلى ثلاث ركائز أساسية:

  • تحديث نظام الإدارة المالية العامة في العراق: ويشمل إدخال التحسينات على عملية تعبئة واستخدام الموارد العامة من حيث تخصيص بنودها وتنفيذها وتوخي الشفافية والمساءلة فيها. ومن المجالات ذات الأولوية تحسين عملية إعداد الموازنة، وإدارة النقدية وإبلاغ بياناتها، والتوريدات العامة، ونظم التدقيق المحاسبي والرقابة الداخلية، وإطار المحاسبي.
  • تطوير القطاع المالي: بتحسين عمليات البنك المركزي العراقي، وإنشاء قطاع مصرفي قادر على تقديم الخدمات المالية الأساسية إلى مختلف الجهات بما في ذلك القطاع الخاص وهو الأمر الضروري للمساهمة في إقامة قطاع خاص فعّال. وينطوي تحسين عمليات البنك المركزي على إعادة بناء قدرة البنك المركزي على إدارة السياسة النقدية وسياسة سعر الصرف، والإشراف على البنوك، وإدارة احتياطيات النقد الأجنبي في البلاد. وتمثل إعادة الهيكلة المالية لأكبر بنكين مملوكين للدولة خطوة مهمة في سبيل المساعدة على تهيئة الظروف اللازمة لقيام الجهاز المصرفي بتقديم الائتمان للقطاع الخاص.
  • تعزيز الحوكمة في القطاع النفطي: في إطار الجهود التي تبذلها السلطات لضمان الشفافية والمساءلة في القطاع النفطي، أصبح العراق مرشحا لعضوية "مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية" (EITI) في فبراير 2010، بهدف الحصول على العضوية الكاملة في 2012. وتُبذل الجهود أيضا لاستكمال إنشاء أنظمة القياس النفطي، مما سيساعد على مطابقة تدفقات النفط والمنتجات النفطية بالتدفقات المالية فيما بين الموازنة والقطاع النفطي، والاحتفاظ بحساب واحد لحصيلة صادرات النفط.

وكان استكمال المراجعة الثانية للبرنامج القائم في ظل اتفاق الاستعداد الائتماني في 18 مارس 2011 قد سلط الضوء على ما يلي:

  • تمكن العراق من المحافظة على الاستقرار الاقتصادي الكلي في ظل ظروف خارجية وداخلية عصيبة. فقد ظل معدل التضخم عند مستويات منخفضة في حدود الرقم الواحد، كما ظل سعر الصرف ثابتا. وتشير التقديرات إلى أن أن عجز الموازنة لعام 2010 كان في حدود 10% تقريبا من إجمالي الناتج المحلي، وهو أقل كثيرا مما كان متوقعا، الأمر الذي يرجع جزئيا لفترات التاخير في تنفيذ الموازنة الاستثمارية. وتهدف موازنة عام 2011 إلى التعجيل بتنفيذ المشروعات الاستثمارية في مجال الخدمات العامة والبنية التحتية النفطية، فضلا على استيعاب قدر أكبر من شبكة الأمان الاجتماعي والمصروفات الأمنية، مع الحفاظ على توافق هذه التوجهات مع متطلبات استمرارية الأوضاع على المدى المتوسط. واستنادا إلى افتراض متحفظ نسبيا للإيرادات النفطية، فإن عجز موازنة عام 2011 سيكون في حدود 14% تقريبا من إجمالي الناتج المحلي، لينخفض بعد ذلك في عام 2012. ولا تزال هناك أهمية للتركيز بقوة على ضمان جودة الإنفاق العام.
  • لا تزال الحاجة ملحة لبذل الجهود الحاسمة من أجل إعادة بناء المؤسسات الاقتصادية وتحسين الحوكمة من بغية دعم عمليات تقديم الخدمات العامة وتطوير القطاع الخاص. فقد كان التقدم في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية في أواخر 2010 وأوائل 2011 متفاوتا. ويرجع ذلك إلى حد كبير لجوانب القصور الحادة في القدرات والأوضاع الأمنية، مما عرقل من وصول المساعدة الفنية على نحو فعال، وأعاق عملية التحول السياسي. ومن شأن تشكيل الحكومة الجديدة والزيادة المتوقعة في الإنتاج النفطي في السنوات المقبلة أن يتيحا فرصة لتكثيف جهود الإصلاح مع الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي. 
  • لا تزال هناك مخاطر كبيرة تهدد آفاق الاقتصاد العراقي. فهناك مخاطر كبيرة ناجمة عن القصور المؤسسي ونقص القدرات، وتقلب أسعار النفط، والوضع السياسي والأمني الهش.